مخاطر قرارات اللجوء الحالية في هولندا بالنسبة للسوريين

Fayez Naser
امتزجت مشاعر السوريين في الآونة الأخيرة بين الفرح والقلق، مع الإعلان عن رحيل طاغية الشام وتحرير سوريا بعد أكثر من نصف قرن من الحكم الاستبدادي. وبينما يتطلّع البعض إلى مستقبل جديد في سوريا المحررة، تسيطر مشاعر الخوف والقلق على الكثيرين بسبب الغموض الذي يحيط بمستقبل البلاد.
هذا التغير في المشهد السوري أثّر بشكل خاص على اللاجئين السوريين في الخارج، وتحديدًا في أوروبا وهولندا. فقد تغيّرت السياسة الهولندية تجاه اللاجئين بشكل متسارع تحت تأثير الحكومة اليمينية الجديدة، مما أدى إلى قرارات تهدد مستقبل العديد من السوريين الذين اتخذوا من هولندا ملاذًا لهم، آملين في بناء حياة كريمة وآمنة لهم ولعائلاتهم.
تغيرات ما قبل سقوط النظام في سوريا:
- تشديد معايير الحماية والإقامة: قبل سقوط النظام، بدأت هولندا في تشديد معايير منح الإقامات، حيث تم رفض طلبات لجوء العديد من السوريين بحجة أنهم كانوا في مأمن داخل سوريا قبل مغادرتهم. هذا التجاهل للوضع الأمني المتقلب في سوريا أدى إلى منح الكثيرين إقامات مؤقتة فقط، وهو ما يعرض استقرارهم ومستقبلهم للخطر.
- التأخير في معالجة طلبات اللجوء : تراكم طلبات اللجوء لدى دائرة الهجرة والجنسية (IND) أدى إلى تأخير معالجة الملفات لشهور طويلة، مما تسبب في ضغوط نفسية كبيرة للاجئين وعطل قدرتهم على التخطيط للمستقبل أو لم شمل عائلاتهم.
- تعقيد إجراءات لم الشمل: أصبحت إجراءات لم الشمل أكثر تعقيدًا مع وضع شروط قانونية وإدارية صارمة. هذا التأخير يؤثر بشكل كبير على اللاجئين السوريين الذين تركوا عائلاتهم في ظروف صعبة وخطيرة.
- التحديات في سوق الإسكان: مع تشديد قوانين اللجوء، ازداد التمييز ضد اللاجئين السوريين في سوق الإسكان. البلديات تواجه صعوبة في توفير السكن، مما يزيد من معاناة اللاجئين ويؤثر سلبًا على اندماجهم في المجتمع.
التغيرات ما بعد سقوط النظام في سوريا:
مع إعلان تحرير دمشق، اتخذت هولندا قرارات أكثر صرامة تجاه السوريين:
- إيقاف البتّ في طلبات اللجوء
أعلنت دائرة الهجرة الهولندية تعليق معالجة طلبات اللجوء للسوريين لمدة 6 أشهر على الأقل، إلى حين وضوح الوضع الأمني في سوريا. هذا القرار خلق حالة من عدم اليقين، حيث يخشى الكثيرون أن يتم اعتبار سوريا بلدًا آمنًا قريبًا، مما قد يؤدي إلى رفض طلباتهم بشكل جماعي.
- التقييم المستقبلي للوضع الأمني
إذا تم تصنيف سوريا كبلد آمن، فقد يؤدي ذلك إلى إعادة تقييم وضع السوريين الموجودين في هولندا، مع احتمال ترحيلهم أو رفض تجديد إقاماتهم المؤقتة.
المخاطر طويلة الأمد لهذه السياسات:
- إضعاف عملية الاندماج
يؤدي الشعور بعدم الاستقرار القانوني إلى إضعاف قدرة اللاجئين على الاندماج في المجتمع الهولندي، حيث يصبح تحقيق الاستقرار الشخصي والاجتماعي أمرًا صعبًا.
- زيادة التوترات الاجتماعية
تصاعد الخطاب السياسي المناهض للهجرة يمكن أن يؤدي إلى توترات داخل المجتمع الهولندي، مما يعمّق الفجوة بين اللاجئين والسكان المحليين.
- تعريض اللاجئين للخطر
قرارات الترحيل أو عدم تجديد الإقامات تعرض حياة العديد من اللاجئين للخطر، خصوصًا في ظل عدم الاستقرار الذي لا يزال يخيّم على سوريا.
الحلول المقترحة:
- سياسات لجوء متوازنة: ينبغي على الحكومة الهولندية اعتماد سياسات متوازنة تأخذ بعين الاعتبار حقوق اللاجئين والاعتبارات السياسية المحلية، مع ضمان حماية اللاجئين واستقرارهم.
- تحسين الكفاءة الإدارية: تسريع إجراءات اللجوء ولم الشمل لتقليل المعاناة النفسية والاجتماعية للاجئين، وضمان دمجهم السريع في المجتمع.
- رفض الترحيل القسري: ينبغي أن تتم أي إعادة للاجئين إلى سوريا وفق معايير صارمة تضمن سلامتهم، مع الأخذ في الاعتبار الوضع الأمني غير المستقر.
- تعزيز الدعم النفسي والاجتماعي: توفير برامج دعم للاجئين للتخفيف من الضغوط التي يواجهونها بسبب السياسات غير المستقرة.
أخيراً
يتوجب على هولندا أن تدرك أن حماية اللاجئين السوريين ودمجهم بشكل ناجح ليس مجرد واجب إنساني، بل استثمار في مستقبل مجتمع متعدد الثقافات، قائم على قيم العدالة والإنسانية. إن أي قرار يؤثر على هذه الشريحة يجب أن يُتخذ بحذر شديد، مع ضمان احترام حقوق الإنسان وحمايتها.