المركز الأوروبي لقياس الرأي والدراسات الاستراتيجية

المركز الأوروبي لقياس الرأي والدراسات الاستراتيجية

الرئيسية / ماذا لو فاز حزب اليمين الهولندي PVV؟

ماذا لو فاز حزب اليمين الهولندي PVV؟

ماذا لو فاز حزب اليمين الهولندي PVV؟

الهولنديون والمهاجرون بين وعود الحماية ومخاوف الإقصاء

تعيش هولندا هذه الأيام حالة من الترقّب السياسي، مع تزايد شعبية حزب الحرية (PVV) الذي يقوده السياسي المعروف خيرت فيلدرز، أحد أبرز وجوه اليمين المتشدد في أوروبا. الحزب الذي يرفع شعار “هولندا للهولنديين” يقدّم نفسه بوصفه المدافع عن الهوية الوطنية في مواجهة الهجرة، والعولمة، والاتحاد الأوروبي. ومع احتمال فوزه في الانتخابات، يطرح الشارع الهولندي والمجتمع الدولي سؤالًا جوهريًا: ماذا ينتظر الهولنديين والمهاجرين إذا أصبح حزب فيلدرز في الحكم؟

برنامج يقوم على الهوية ورفض الهجرة

يعتمد حزب الحرية على برنامج سياسي واضح يقوم على رفض الهجرة واللجوء، والتشدد في منح الإقامة والجنسية، إضافة إلى معارضة السياسات البيئية الأوروبية التي يرى أنها تضر بالاقتصاد الهولندي، يريد الحزب وقف استقبال اللاجئين تمامًا، وإغلاق مراكز الإيواء، ومنع ازدواج الجنسية، وفرض قيود على لمّ الشمل العائلي. كما يدعو إلى إعطاء الأولوية للمواطنين الهولنديين في فرص العمل والإعانات الاجتماعية، مع خفض الضرائب ورفع معاشات التقاعد. ويرى مؤيدو الحزب أن هذه السياسات ستعيد “التوازن” إلى المجتمع، في حين يعتبرها منتقدوه تهديدًا مباشرًا لحقوق الإنسان ولقيم التسامح التي تميز هولندا منذ عقود.

تغييرات واسعة للهولنديين

في حال فوز الحزب وتوليه السلطة، قد يشهد المواطن الهولندي تغييرات ملموسة في الحياة اليومية.فمن المتوقع أن يتم تخفيف الأعباء الضريبية وتحسين معاشات المتقاعدين، إلى جانب مراجعة السياسات البيئية التي يصفها الحزب بأنها “مكلفة وغير واقعية”، لكن هذه التغييرات قد تأتي على حساب صورة هولندا كدولة منفتحة ومتعددة الثقافات، فصعود الخطاب القومي والانتقادات الموجهة للمهاجرين قد يؤدي إلى انقسام اجتماعي أعمق داخل المجتمع الهولندي.

مستقبل المهاجرين بين القلق والترقب

أما بالنسبة للمهاجرين، خصوصًا أولئك القادمين من دول عربية وإسلامية، فإن فوز PVV يثير قلقًا حقيقيًا، فالحزب لا يخفي موقفه الصارم تجاه الإسلام، وسبق لزعيمه أن دعا إلى حظر المساجد والمدارس الإسلامية، وهو ما يجعل شريحة واسعة من المقيمين تشعر بأن وجودها قد يكون مهددًا، وفي حال تنفيذ الوعود الانتخابية، سيواجه المهاجرون صعوبات أكبر في الحصول على الإقامة أو الجنسية، وقد تُفرض عليهم شروط اندماج أشد صرامة من ذي قبل.، وبينما يرى البعض أن هذه الإجراءات ستدفع نحو اندماج أفضل، يخشى آخرون أن تؤدي إلى تزايد التمييز والعزلة الاجتماعية.

عوائق سياسية وقانونية

مع ذلك، فإن النظام السياسي الهولندي القائم على التحالفات قد يحدّ من قدرة حزب الحرية على تنفيذ برنامجه بالكامل، فحتى لو فاز بالانتخابات، سيحتاج فيلدرز إلى تشكيل ائتلاف مع أحزاب أخرى أكثر اعتدالًا، وهو ما قد يجبره على تقديم تنازلات سياسية، إضافة إلى ذلك، قد تواجه بعض مقترحاته معارضة من المحاكم الهولندية أو الاتحاد الأوروبي، خاصة تلك التي تمسّ حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية الخاصة باللاجئين.

بين الوعود والمخاوف

يبقى فوز حزب اليمين الهولندي حدثًا مفصليًا في تاريخ هولندا، ويجعل ممن الانتخابات حدثا فارقاً يمكن ان توصف بانها الاصعب في التاريخ الحديث للبلاد، لأنه قد يغيّر ملامح السياسة الهولندية التي عُرفت بتسامحها وانفتاحها، فالهولنديون يطمحون إلى حياة أكثر أمانًا واستقرارًا اقتصاديًا، بينما يخشى المهاجرون أن يصبحوا ضحايا لسياسات الإقصاء والتشدد.

وفي النهاية، ستظل هولندا أمام اختبار صعب: كيف يمكنها الموازنة بين الحفاظ على هويتها الوطنية من جهة، وصون قيمها الإنسانية والديمقراطية من جهة أخرى.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *