المركز الأوروبي لقياس الرأي والدراسات الاستراتيجية

المركز الأوروبي لقياس الرأي والدراسات الاستراتيجية

الرئيسية / تداعيات رفع أوروبا العقوبات عن سوريا

تداعيات رفع أوروبا العقوبات عن سوريا

تداعيات رفع أوروبا العقوبات عن سوريا

في إجراء سريع من نوعه.. أعلنت دولًا أعضاء في الاتحاد الأوروبي أنها ستعمل على رفع العقوبات التي سبق أن فرضتها دول الاتحاد على سوريا خلال العقود الماضية على النظام السابق وذلك في محاولة لمساندة الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع.

إذ يعد لجوء الاتحاد الأوروبي إلى سياسة رفع العقوبات عن سوريا بادرة أمل للإدارة الجديدة في سوريا برئاسة الشرع، فيما وضعت دول الاتحاد ضوابط محددة لإزالة تلك العقوبات، كما أن ذلك الإجراء من شأنه أن يكون له تأثيرًا على مستقبل اللاجئين السوريين في أوروبا، وهي القضية الأبرز التي تشغل بال الحكومات الأوروبية الجديدة المنضوية تحت لواء تيار اليمين المتطرف.

طبيعة العقوبات الأوروبية على سوريا

في عام 2011… ومع انطلاق ثورات الربيع العربي والتي لسوريا نصيب منها، فرض الاتحاد الأوروبي في ذلك الوقت عقوبات على نظام بشار الأسد في مجالات النقل والطاقة والبنية التحتية، وهدفت العقوبات إلى شل صناعة النفط السورية، حيث يحظر على الشركات الأوروبية تقديم الأموال المباشرة وغير المباشرة أو المعدات الأساسية والمساعدة الفنية الضرورية لتحديث البنية الأساسية.

وقد أدت العقوبات إلى انكماش الإنتاج السوري من النفط من 400 ألف برميل يوميا قبل 2011 إلى 30 ألف برميل يوميًا، كما منع الاتحاد الأوروبي شركاته من المشاركة في بناء مشاريع كهرباء جديدة في سوريا ومنع الاستحواذات والمشاريع المشتركة والقروض التي كان يحصل عليها النظام السوري.

كما خضع قطاع النقل بشكل كامل للعقوبات الأوروبية الصارمة، فلم يسمح لرحلات الجو التي تشغلها شركات الطيران السورية بالهبوط في مطارات دول الاتحاد الأوروبي، كما منعت العقوبات الأوروبية الدول الأعضاء في التكتل من تصدير وقود الطائرات إلى سوريا.

الموقف الأوروبي من العقوبات على سوريا

أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أن بلاده قررت رفع العقوبات التي سبق أن فرضتها على سوريا في موقف منفرد عن موقف الاتحاد الأوروبي، الذي تبنت دوله قرار رفع العقوبات التدريجي عن سوريا بعد سقوط الأسد، إذ يتضح من القرار الأوروبي أنه يستهدف رفع العقوبات بشروط معينة، كما أحجمت دول التكتل عن رفع العقوبات عن قطاعات بعينها وهي “حظر توريد الأسلحة لسوريا، والعقوبات التي فرضت على المعدات المستخدمة من قبل النظام السابق في عمليات القمع الداخلي، وتلك المفروضة على مسؤولين سابقين في النظام”.

وشمل القرار الصادر برفع العقوبات عن سوريا تعليق العقوبات المفروضة في مجالات النقل والطاقة والخدمات المصرفية، والحظر المفروض على واردات النفط السوري، بالإضافة غلى رفع التجميد عن أصول البنك المركزي السوري في أوروبا.

لكن على أية حال كانت تصريحات مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية كايا كالاس والتي أكدت خلالها على أن الاتحاد سيرفع أولًا العقوبات السهلة عن سوريا، وأن شرط رفع بقية العقوبات مرهون بتطورات بناء سوريا من جديد وتشكيل حكومة وبناء جيش مع عدم وجود تطرف، من شأنها أن تجعل لأوروبا ورقة ضغط على سوريا باستمرار، والتي تؤثر على مفاصل الاقتصاد السوري بشكل كامل. ودلالة ذلك تصريحات مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية كايا كالاس في هذا الصدد حين قالت: “نريد  التحرك بسرعة، لكن يمكن التراجع عن رفع العقوبات إذا تم اتخاذ قرارات خاطئة في دمشق”.

ويمكن تحديد معوقات رفع بقية العقوبات الأوروبية المهمة عن سوريا باحتمالية تجدد أي أحداث عنف عبر مناوشات بين قسد وقوات موالية لتركيا، او خلافات متوقعة بين الفصائل المسلحة.

تداعيات القرار على اللاجئين

ينظر السوريون في أوروبا بعين الترقب لكل مستجدات الأوضاع التي تخص بلادهم، بداية من سقوط نظام بشار الأسد، والذي بموجبه أعلنت دولًا أوروبية عن تجميد النظر في طلبات اللجوء للكثير من اللاجئين السوريين، مرورًا بقرار رفع العقوبات التدريجي عن سوريا، خاصة وأن أعداد اللاجئين السوريين في دول أوروبا يقدر بمئات الالاف ، حيث اتجهت شريحة كبيرة من السوريين إلى ألمانيا التي تعد أبرز وجهات اللاجئين السوريين والتي تضم حوالي 974 ألف لاجئ بنهاية أكتوبر 2024 طبقًا لبيانات وزارة الداخلية الاتحادية في برلين، فيما وصل عدد اللاجئين السوريين في هولندا مثلا إلى مئة وخمسين الف لاجئ، كما تضم النمسا 97 ألفا و900 لاجئ، كما تضم اليونان 50 ألفا و700 لاجئ، وكلها أرقام صادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

لكن في كل الأحوال ينظر اللاجئين السوريين بترقب واضح لما يحدث في بلادهم  وقد يعيقهم الكثير عن العودة مرة أخرى، ومن أبرز تلك المعوقات ما يلي:

  • غموض المشهد السوري: إذ ينظر السوريون للمجتمع الداخلي بعين الحذر بعد سقوط نظام الأسد، في ظل تهالك البنى التحتية للدولة السورية، فضلًا عن احتمالية نشوب صراع بين الفصائل المسلحة المكونة للمشهد العسكري السوري سواء داخل الجيش أو على مستوى صراع العرقيات المكونة للنسيج الاجتماعي السوري، وهو ما ينذر بعواقب وخيمة على تماسك المجتمع الداخلي ويعطل عودة اللاجئين السوريين.
  • الرفع التدريجي للعقوبات: يشير إلى تخوف اللاجئين السوريين في أوروبا من احتمالية تلكؤ أوروبا في رفع العقوبات كاملة.

خاتمة

تشير قرارات الاتحاد الأوروبي إلى أن مسألة رفع العقوبات عن سوريا لن يأتي دفعة واحدة، ولن تكون إزاحة العقوبات بشكل كامل عن كاهل المجتمع السوري، وهو ما يخيف اللاجئين السوريين الذين حصلوا على تصاريح بالإقامة في دول أوروبا، وهو ما يشير إلى احتمالية رفض اللاجئين السوريين العودة مجددًا إلى مشهد سياسي واجتماعي ملبد بالغيوم، ويطيل من مدة إقامتهم في أوروبا لحين التأكد مما ستتكشف عن الأوضاع داخل سوريا.

يتضح من قرار التكتل أن بعض الدول الأوروبية قد تعترض على بعض الأحداث الداخلية في سوريا، وهو ما قد يعطل الرفع الكامل للعقوبات ويعطل من جانب آخر عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *