المركز الأوروبي لقياس الرأي والدراسات الاستراتيجية

المركز الأوروبي لقياس الرأي والدراسات الاستراتيجية

الرئيسية / المزاج الشعبي الأوروبي تجاه اللاجئين

المزاج الشعبي الأوروبي تجاه اللاجئين

المزاج الشعبي الأوروبي تجاه اللاجئين

لم تكن أجندة الأحزاب اليمينية في أوروبا هي الدافع – وحدها – في تشكيل خارطة طريق في التعامل مع اللاجئين أو المهاجرين أو الوافدين من دول الحروب والصراعات، بل إن المزاج الشعبي العام لعدة دول أوروبية كانت تشكل أيضًا دافعًا ضاغطًا على حكومات أوروبا لتنفيذ أجندتها الساعية للتخلص من وجود اللاجئين على أراضيها، إذ كشفت استطلاعات رأي جرت في عدة دول أوروبية أن شعوب تكتل بروكسل تتفق مع الأجندة المعدة مسبقًا لترحيل اللاجئين والمتمثلة في ما يعرف باسم “ميثاق الهجرة واللجوء” الأوروبي.

لقد كشفت استطلاعات رأي جرت في عدة عدول أوروبية أن هناك أصواتًا وتكتلات شعبية ترغب في استمرار حكومات أوروبا في تنفيذ الضوابط القانونية المعدة لتجنب استقبال مهاجرين جدد إلى دول أوروبا، وهي الدول التي تعاني من دفق هائل للاجئين منذ بداية الصراعات المسلحة سواء في المنطقة العربية أو في شرق أوروبا منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية.

استطلاعات رأي داعمة

ففي فرنسا على سبيل المثال لا الحصر كشفت استطلاع رأي أجراه مركز مركز الدراسات الاجتماعية في باريس أن حوالي 61% من مجموع الفرنسيين يؤيدون الإجراءات التي تتخذها فرنسا ودول أوروبا مجتمعة للحد من تدفق اللاجئين على أراضيها، وهو ما يظهر أن هناك رغبة جامحة من الشعب الفرنسي – موضع البحث – لرفض استقدام اللاجئين أو حتى التعاطف معهم أو مع قضاياهم السياسية، وهو ما ينذر بتحركات حكومية فرنسية منفردة وأوروبية في السير قدمًا تجاه تقويض تدفق اللاجئين.

وعلى الرغم من وجود أصوات فرنسية – طبقًا لعينة الاستطلاع – تتعاطف في جوانب عدة مع اللاجئين، وأعلنوا رغبتهم في أن حق اللجوء يجب أن يكون محدودًا، وهو ما يشي برغبة في فتح الاستقدام مع وجود حدود وضوابط معينة، إلا أن الاغلبية العظمى للاستطلاع تطالب بالحد من تدفق اللاجئين على أراضي فرنسا التي تعد قلب أوروبا النابض، والتي تقدمت على ألمانيا في استقبال عدد كبير من اللاجئين خلال الفترة الماضية، طبقًا لمدير المرصد الفرنسي للهجرة والديموغرافيا نيكولا بوفرومونتي، والذي كشف عن تزايد عدد المهاجرين في البلاد بمعدل 40% منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

وفي هولندا أظهر استطلاع رأي مماثل تشكيك نصف الشعب الهولندي بما يعادل50% من الشعب أن هناك شكوكًا حول قدرة الحكومة الهولندية على تنفيذ خطة تشديد قواعد طالبي اللجوء على أرض الواقع، وهو ليس معناه أن نصف الشعب الهولندي يرفض إجراءات التقييد، بل إن الضوابط العملية لتنفيذ الإجراءات على أرض الواقع يشوبها الغموض من وجهة النظر الشعبية.

وكشف الاستطلاع أن هناك إجراءات اقترحها من شاركوا في عينة البحث والتي تمثلت في الآتي:

  • تحديد تصريح الإقامة لمدة 3 سنوات فقط بدلًا من خمسة.
  • ترحيل اللاجئين المدانين في جرائم جنائية
  • الإعلان عن المناطق الآمنة في سوريا بالتحديد لجذب اللاجئين السوريين مرة لإعادتهم

وكشف الاستطلاع أن حوالي 89% من الشعب الهولندي يطالب بترحيل اللاجئين المدانين، وهي نسبة كبيرة، علاوة على أن حوالي 52% أي ما يعادل أكثر من نصف الشعب الهولندي يرون أن ميثاق الهجرة واللجوء يمكن تطبيقه مع التشديد في ضوابطه، خاصة وأن حوالي 69% من الشعب الهولندي يرون أن هناك ضرورة لتفعيل المراقبة على الحدود.

يضاف إلى كل ذلك ما أعلنه المركز السويدي للمعلومات بأن الشعب السويدي الذي كان أكثر الشعوب ترحيبًا باللاجئين بات من أكثر الشعوب تشددًا تجاههم، إذ كشف المركز أن دراسة حديثة أظهرت أن السويد وبريطانيا باتا من أكثر الشعوب الأوروبية التي لا ترحب بتدفق اللاجئين إلى بلادهم، ووصلوا لأدنى مستويات الدعم للاجئين مقارنة بجيرانهم.

رد فعل سلبي

لم تظهر ردود الفعل السلبية في التعامل والتعاطي في ملف اللاجئين من جانب اللاجئين فقط ممن تورطوا في جرائم جنائية ضد الشعوب الأوروبية، والتي جلبت رفضًا شعبيًا لوجود اللاجئين في أوروبا فقط، لكن كان هناك جانب آخر تمثل في هجمات وعمليات عدائية من الأوروبيين تجاه اللاجئين والمهاجرين سواء داخل البلاد أو من القابعين في مراكز اللجوء والاحتجاز.

وكان دلالات ذلك أن صحيفة الجارديان البريطانية كشفت عن تسجيل 77 حالة اعتداء على طالبي اللجوء وعدد كبير أخر من اللاجئين ممن حصلوا على حق الحماية، علاوة على تسجيل عدد آخر من حوادث الاعتداء على مراكز إيواء اللاجئين، وهو ما دعا نشطاء كثر أن يطالبوا بتعزيز الحماية للاجئين في ظل تصاعد نبرات العداء تجاه اللاجئين، وهو ما يشي بوجود حالة عداء واضحة من الشعوب الأوروبية تجاه اللاجئين وهو ما قد يجعل الصوت الشعبي يتماهى مع مقترحات الحكومات الأوروبية التي تتشدد في ضوابط منع تدفق اللاجئين إلى أراضيها سواء عبر الطرق المنفردة كما فعلت ألمانيا والنمسا بخطط التضييق على اللاجئين أو عبرميثاق اللجوء الهجرة الأوروبي الذي تشترك فيه كل دول أوروبا.

خاتمة

لا شك أن استطلاعات الرأي تلك تشير بما لا يدع مجالًا للشك أن هناك رغبة شعبية من شعوب الدول الأوروبية بممارسة تضييقات على اللاجئين لمنع تزايد تدفقهم إلى أراضي أوروبية، إذ كشفت تقرير صادر عن وكالة الإحصاء الأوروبية “يوروستات” أن ألمانيا وفرنسا وإسبانيا استقبلوا أكبر عدد من اللاجئين على أراضيهم مؤخرًا نتيجة استمرار تدفق المهاجرين على أوروبا، وهو ما دفع شعوب أوروبا لأن تتضامن مع حكوماتها في تنفيذ الإجراءات الصارمة ضد المهاجرين.

يشير رد الفعل الشعبي وتلك الاستطلاعات إلى ان اللاجئين سيواجهون بصرامة شديدة حالة نجحوا في دخول أراضي أوروبا سواء كان هذا الدخول قانونيًا أو غير قانوني، فضلًا عن حوادث الاعتداءات المتبادلة بين الجانبين، فكما أن هناك حوادث جنائية كحوادث الدهس والطعن التي يقوم بها الخارجين عن القانون من اللاجئين، فإن استطلاعات الرأي تشير إلى احتمال تصاعد هجمات الأوروبيين ضد اللاجئين أيضًا ومراكز الاحتجاز، وهو ما يبشر بأن دول أوروبا ستكون ساحة صراع واسعة إذا لم تخلو من اللاجئين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *