المركز الأوروبي لقياس الرأي والدراسات الاستراتيجية

المركز الأوروبي لقياس الرأي والدراسات الاستراتيجية

الرئيسية / الحلقة الرابعة.. هل يحتاج ميثاق الهجرة واللجوء لتشريعات مكملة

الحلقة الرابعة.. هل يحتاج ميثاق الهجرة واللجوء لتشريعات مكملة

الحلقة الرابعة.. هل يحتاج ميثاق الهجرة واللجوء لتشريعات مكملة

يعد ميثاق الهجرة واللجوء أحد ابرز التشريعات التي أثارت الجدل في أوروبا على الإطلاق خلال الآونة الأخيرة، ذلك لأنه يمس كل دول تكتل بروكسل، ويحاول ان يضع حدَا لأزمة تدفق اللاجئين إلى دول أوروبا، خاصة بعد أزمة اللجوء الكبرى التي بدأت عام 2015، ولا تزال تؤرق أوروبا على مدار عشر سنوات كاملة، إذ تسبب هذا الميثاق الذي أقر في يونيو من العام الماضي 2024، ويدخل حيز التنفيذ في يونيو 2026 في انقسام واضح بين دول القارة العجوز. فما بين رافض ومؤيد ومتحفظ، تبرز وجهة نظر تشير إلى إمكانية وجود تشريعات مكملة يمكن الاعتماد عليها لحصد القبول الكامل للميثاق الذي سيمثل حائط صد ضد ولوج اللاجئين إلى دول أوروبا.

اتفاقيات مكملة قد تتحول لتشريعات؟

إن أبرز دلالات احتياج الميثاق الأوربي لتشريعات مكملة ما لجات إليه بعض الدول من عقد اتفاقيات مع دول أخرى خرج القارة لإرسال طالبي اللجوء المرفوضين إليهم، وعلى الرغم من وجود بند داخل الميثاق ينص على تقسيم اللاجئين على دول أخرى آمنة تكون ضمن منظومة الاتحاد، إلا أن دولًا أوروبية عقدت اتفاقيات مع دولًاً أفريقية لتستقبل الأخيرة من تنظر إليهم دول أوروبا على أنهم غير مرغوب فيهم، أو من تورطوا في عمليات إجرامية في أوروبا، وهي الاتفاقيات الثنائية التي جرت بين أطراف بدون أن ترقى إلى مستوى الاتفاقيات التشريعية التي يمكنها أن تدخل ضمن إطار الاتفاق.

إن الميثاق لم ينص صراحة على حرية أي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي لعقد اتفاقيات ثنائية مع دول أخرى لإرسال من ترغب في ترحيلهم إليها، وهو ما يمكن البناءعليه خلال الفترةالمقبلة، لمعالجة الرفض الصادر من دول “فيشغراد” التي ترفض الميثاق بحجة أنه يسمح في النهاية بتلقي دول أوروبا للاجئين الذين تم فحص أوراقهم وسمح لهم بالحصول على “حق الحماية”، وبالتالي يمكن إدراج بند داخل الميثاق إذا ما رأت الأغلبية تعديله في مراحل لاحقه ينص على أحقية أي دولة عضو في تكتل بروكسل في عقد اتفاقيات مع دول خارج القارة لاستقبال لاجئين مرفوضين، على غرار الاتفاق الأمريكي الليبي، أو الاتفاق البريطاني الرواندي.

 تشريعات تتعلق بحقوق الإنسان

شنت الكثير من منظمات حقوق الإنسان حملات شعواء على ميثاق الهجرة واللجوء بسبب ما رأت فيه تقصيرًا في ضوابط تتعلق بحقوق الإنسان وبحق اللاجئين في الحصول على معاملة لائقة، حيث تحدث الميثاق عن تشكيل مراكز احتجاز على حدود دول أوروبا بدون التحدث عن تفاصيل تتعلق بوضع اللاجئين داخل مراكز الإحتجاز، سواء ما يتعلق بمواد الإعاشة وتقديم الأغذية اللازمة لطالبي اللجوء، أو الحماية الأمنية، وطبيعة مراكز الاحتجاز سواء كانت خيام أو منازل مسقوفة أو مؤقتة، أو حتى بناء منازل ذات طبيعة معينة، وهو ما وضع ذلك الإجراء محل شكوك في قدرة مراكز الاحتجاز على تحصيل معاملة لائقة ولو بشكل مؤقت لحين البت في طلبات اللجوء التي تقدموا بها للدول الاوروبية.

وعلى الرغم من النصوص التي ضمها الميثاق بشأن حماية اللاجئين وتقديم الدعم لهم في مراكز الاحتجاز سواء من خلال لائحة إدارة هجرة اللجوء والتي تتحدث عن ضمانات لحقوق الأفراد وتضع معايير وشروط الاستقبال في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، على اعتبار أن تلك المعايير يضمن ظروفًا معيشية مناسبة لطالبي اللجوء، مع تعزيز الضمانات والضمانات وتحسين عمليات التكامل، التزامًا بلائحة معايير الحماية الدولية، إلا أن الواضح من تلك النصوص التي ذكرها الموقع الرسمي للاتحاد الأوروبي كانت نصوصًا مطاطة لم تتذيل بضمانات حقيقية أو عقوبات على الأجهزة الأمنية المشرفة على مراقبة اللاجئين في مراكز الاحتجاز من جانب، ومن جانب آخر لم تنص صراحة على ما يعبر عن تقديم مواد إعاشة لطالبي اللجوء وتقديم الدعم اللازم لهم خلال تواجدهم في مراكز الاحتجاز الحدودية، وهو ما يجب أن يدرج في أي عملية إصلاح مرتقبة للميثاق.

وبالإضافة إلى ذلك كان من المفترض أن يتم إشراك المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان والمراقبة لرصد تداعيات تنفيذ ميثاق الهجرة واللجوء على أرض الواقع، على أن يتم تقديم الملاحظات الواردة في تقارير تلك المنظمات إلى المفوضية الأوروبية لتصحيح مسار الأوضاع التي تواجه اللاجئين في مراكز الاحتجاز، خاصة وأن الدول الأوروبية تتعالى أصواتها بضرورة احترام حقوق الإنسان في دول العالم الثالث، وهو ما يستوجب عليها احترام حقوق الإنسان على حدودها حتى لو كانوا من دول العالم الثالث.

ويبدو من الميثاق أنه قصر تمثيل الوكالات ومنظمات المجتمع المدني عى النحو التالي:

الوكالات:

  • وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء (EUAA): تقدم الدعم الفني والتشغيلي للدول الأعضاء، بما في ذلك التدريب والتوجيه والخبرة بشأن قضايا اللجوء والهجرة
  • الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس): تقدم الدعم في مجال إدارة الحدود وعمليات العودة
  • وكالة الاتحاد الأوروبي للإدارة التشغيلية لأنظمة تكنولوجيا المعلومات واسعة النطاق في مجال الحرية والأمن والعدالة (eu-LISA): تقدم الدعم في تطوير وتنفيذ أنظمة تكنولوجيا المعلومات الخاصة باللجوء والهجرة
  • وتقدم وكالات أخرى، مثل الوكالة الأوروبية للحقوق الأساسية (FRA) والمعهد الأوروبي للمساواة بين الجنسين (EIGE)، الخبرة والدعم بشأن قضايا محددة، مثل الحقوق الأساسية والمساواة بين الجنسين.

أما منظمات المجتمع المدني فقد تم قصر عملها على النحو التالي:

  • تقديم المدخلات والملاحظات حول التقرير السنوي الأوروبي للجوء والهجرة وآلية التضامن.
  • المشاركة في منتدى التضامن الرفيع المستوى للاتحاد الأوروبي واجتماعات أصحاب المصلحة الآخرين.
  • دعم تنفيذ آلية التضامن، بما في ذلك تقديم الخدمات والدعم للمهاجرين وطالبي اللجوء المدافعون عن حقوق ومصالح المهاجرين وطالبي اللجوء.

ومن هذا المنطلق يتضح أمرين:

  • عدم مشاركة منظمات حقوقية في مراقبة تنفيذ الميثاق على أرض الواقع من الأساس، وهو ما يضع علامات استفهام حول طبيعة تنفيذ بنود الميثاق.
  • عدم البت في ملاحظات تلك المنظمات إذا ما تقدمت بملاحظات حول حقوق اللاجئين في مراكز الاحتجاز، كما حدث مع ملاحظات تلك المنظمات بشأن بنود الميثاق خلال مناقشته وإصداره.

خاتمة

في المجمل.. يمكن القول أن بعض التشريعات الإضافية البسيطة يمكنها أن تلعب دورًا في إحداث توافق تام وعام على بنود ميثاق الهجرة واللجوء، في ظل الانتقادات الكثيرة التي وجهت إلى الميثاق خلال فترة مناقشته، وخلال جلسة إقراره، علاوة على أن التشريعات المكملة للميثاق لن تكون تشريعات معرقلة لتنفيذ الميثاق الذي يعد من أبسط حقوق دول أوروبا، لكن يجب التنسيق الآمن بين المنظمات الحكومية ومؤسسات الاتحاد الأوروبي مع المنظمات الأخرى لتحصل على حق قانوني منصوص عليه في الميثاق بمراقبة التنفيذ والتعليق على التنفيذ بما يضمن سلامة اللاجئين ويحمي سمعة أوروبا.

الأمر الأخر يكمن في أن الاتفاقيات التي عقدتها دول أوروبية كربيطانيا مع رواندا وواشنطن مع طرابلس بشأن نقل مهاجرين يمكن أن يكون بندًا داخل الميثاق بما يضمن قبول أوروبي عام للميثاق، في ظل أصوات أوروبية متحفظة على طريقة تطبيق الميثاق، وعلى قبوله من ناحية المبدأ مسألة تدفق اللاجئين على أراضيها.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *